إرادة الحياة
إذا الشعب يوما أراد الحياة***فلابد أن يستجيب القدر
بعد الذي حدث في البلدان العربية،من ثورات منها من نجحت ومنها من لم تنجح
ومنها من لم تقم أصلا،وأخرى لم تجد طريقة لتعبر عن رفضها لحكومتها او النظام الذي
يحكمها،كما نعلم انه لكل دولة نظام يسير حياتها الاجتماعية والاقتصادية و
السياسية،فهناك الجمهوري وهناك الملكي والديمقراطي وكذا الدكتاتوري.
تتعدد الأنظمة ويتعدد الحكام ولكن طبيعة
الحكم واحدة،تختلف الأسماء فقط لنجد المملكة والدولة والجمهورية،لكل
نظام قوانين يسير بها شؤون العامة،ودستور يعتمد عليه في تنظيم البلاد والعباد ربما
هذا هو الاختلاف الوحيد،لكن لسنا هنا لنحكم عن أي حكم لنقول هذا بائد وهذا
عادل،فلندع الشعوب هي التي تحكم وهي التي تصنف.
الثورة
التونسية ثورة الياسمين التي لم يتقبل شعبها هاته الكنية،بل اصطلحوا عليها ثورة
البوعزيزي،لكي يبقى هذا الاسم شاهدا على الظلم والاستعباد،بل تعدو ذلك وفكروا في
بناء تمثال في الساحات العامة،ليظل معلما تاريخيا للأجيال القادمة،الشعب التونسي
وحده من استطاع إن يحكم على طبيعة نظامه،استطاع أن يغير في ظرف أيام ما لم تستطع
عليه المعارضة خلا ل سنوات،لأنه أحس بالاستعمار ليس من طرف دولة أجنبية أو من حلف
الناتو بل من أبناء جلدته،والقائمين على إدارة شؤونه العامة منها والخاصة،لينهب
ثرواته ويستبيح حرماته ويغتصب حقوقه،ويسرق منه حريته،فهي إذا إرادة الشعوب عندما
تريد أن تعيش في سلام ونحيا في أمان وتموت على حب العدل والوئام.
هي ثورة البوعزيزي إذن سببها الظروف الاجتماعية،بطلها الشعب التونسي،ساحتها
الحرية،وسلاحها إرادة الحياة،وكان له النصر واستطاع التغيير،التغيير الذي قال فيه
مالك بن نبي قولته "إنها شرعة السماء غير نفسك تغير التاريخ"، فلولا حب كل فرد من الشعب التونسي للتغيير ما
استطاعوا إن يحققوا ما أرادوا وبذلك قد حفظوا الآيات الكريمة وفهموا معناها وطبقوا
فحواها،في قوله تعالى "إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم" وكذا قوله "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة
أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
ما إن
أسدل الستار عن الثورة التونسية،ليفتح مرة ثانية لنشاهد مسرحية عنوانها الثورة
المصرية،أبطالها على غير العادة،ليس عادل إمام ولا يوسف شاهين ولا يسرا ولا ليلى
علوي،أبطالها هاته المرة من عامة الشعب،وكاتبها الظلم،ومخرجها شباب لم يدرس الفن
ولا يعرف معنى السيناريو،هذه المرة لم تقم فصول المسرحية على خشبة المسرح كما جرت
العادة،ربما هي أول مرة يدوس فيها الشعب المصري على تقاليد المسرح،ليخرجها من
مكانها لساحة اقترن اسمها مع ما يريده الشعب في مصر،ليضعها في ساحة الحرية.
إن الثورة المصرية هي نتاج عن تراكم ظروف
اجتماعية مزرية لغالبية الشعب،وظروف اقتصادية لا باس بها لكن لا يستفيد منها إلا
الأقلية من ذوي القربى للنظام،كما لا ننس السياسة التي هي في اغلب الأحيان استطاعت
أن تخرج الشعب ليعبر ليس عن حبه للنظام هذه المرة أو لترشيح فلان للاستحقاقات
القادمة،بل لإسقاط النظام، الجملة التي تناقلتها وحفظتها كل الشعوب العربية،ألا
وهي الشعب يريد إسقاط النظام،فأصبحت تدوي في كل شبر عربي،لست أدري فعلا أن كل
الشعوب فهمت معنى الحرية والتحرر،أم انه تقليد لا غير؟لتزحف إلى البحرين ثم ليبيا
واليمن، سوريا والعراق والسعودية وقطر،الجزائر والمغرب والبقية تأتي.
انتصرت الثورة المصرية والتحقت بركب الفائزين وحققت ما حققته شقيقتها في
تونس، وتبقى ليبيا واليمن إلى زمن لا يعلم فيه المصير إلا الله، أما الشعوب
المنسحبة، لا نعلم بعد أنها انسحبت بعدما تحققت مطالبها؟أم أنها قٌهرت واستسلمت
لجلادها؟أو لم تكن لها مطالب تريد تحقيقها، بل حبا في التقليد، وهذا هو الذي
نخافه.
إن
الثورات التي كان مسرحها الوطن العربي،وعنوانها الشعب والظروف الاجتماعية،وعدوها
النظام والقائمين عليه،والتي تغلب فيها المغلوب في أمره على سيده،وانتصرت فيه ثورة
الخبز لان اغلب الشعوب العربية تعيش من اجل لقمة العيش،وكانت لا تفكر في سواها،ونختم كلامنا بقول عالم الاجتماع بورك "إن الدولة التي لا تملك الوسائل
لمسايرة التغيرات الاجتماعية لا تستطيع أن تحتفظ ببقائها".
الخميس 4 أغسطس 2011 - 13:46