Admin Admin
عدد المساهمات : 347 تاريخ التسجيل : 16/07/2011 العمر : 38 الموقع : bakhti.ch@gmail.com
| موضوع: العولمة: الظاهرة و المفهوم الأحد 21 أغسطس 2011 - 16:10 | |
| (1)
العولمة: الظاهرة و المفهوم
على الرغم من الاستخدام الواسع لمفهوم العولمة إلا أنه مع ذلك مازالت ظاهرة غامضة ومفهوما متضارب المعاني، ليس فقط من حيث المكونات، الأبعاد والفواعل ولكن أيضا على مستوى القيم التي تحركها.
فمن أجل تبسيط هذا المفهوم يمكن حصر النقاش حول ثلاثة مداخل أساسية:
(1)- فأما الأول فيتعلق بالعولمة كمجموعة مسارات متشابكة اقتصاديا، ماليا، تكنولوجيا، ثقافيا، سياسيا، اجتماعيا وقيميا تشمل كل العالم وتحركه فواعل فوق وطنية (الأمم المتحدة ووكالاتها، البورصات العالمية ،الشركات المتعددة الجنسيات، والمجتمع المدني العالمي) وحاصرة بذلك لدور الدولة.
(2) – فأما المدخل الثاني فيحصر العولمة في محاولات مترابطة تهدف لتنميط القيم المحددة للسلوكيات الفردية بصفة تعكس توجهات عالمية نحو التجانس والتماثل من حيث القواعد، القيم، السلوكات و الأذواق وتجعل العالم مجالا مفتوحا للاستهلاك المادي والقيمي.
(3)- أما المدخل الثالث فهو ذلك الذي ينظر للعولمة كحراك إنساني، يتماشى وطبيعة الوضع الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة ماديا والغرب حضاريا، ويهدف في النهاية لغربنة العالم على المستوى القيمي –السلوكي وللتأسيس لحركية تسلط أمريكي على المستوى الكوني.
وانطلاقا من هذه النقاشات يمكن الاستخلاص، كما هو متفق عليه في التعريفات الإجرائية في العلاقات الدولية حول العولمة، بأنه بإمكاننا وضع العناصر التالية في تحديد ماهية العولمة:
-1- العولمة حركية شاملة، شمولية تجعل من العالم كله مجالا لها.
-2- العولمة حركية تخلق في ذاتها و بذاتها آليات جديدة تعمد على تكييف الدول والمناطق و القيم مع منطقها التجانسي.
-3- العولمة حراك يهدف، بمنطقه الإرغامي، على خلق حركيات تنميط قيمي –سلوكي ومجموعة منمذجة على مستوى أسس وأشكال التنظيم الإنساني (ديمقراطية اقتصاد السوق الحر، الحكم الراشد …الخ ).
فمن هنا فالعولمة ليست فقط ظاهرة ولكنها حركية و حراك إنساني يعكس طبيعة النظام الدولي، درجة الترابط الإنساني و طموح الهيمنة المادية و الحضارية للغرب.
(2) العولمة السياسية
تشكل العولمة السياسية أكثر الأبعاد حيوية ، حركية و خطورة للعولمة، إذ أنها لا تقوم فقط بإعادة النظر في المنطلقات الأساسية للدولة بجعلها أكثر ارتباطا بمحورية الإنسان وحقوقه ولكن أيضا بتنميط مجموعة قواعد التفاعل السياسي الداخلي والوطني مع فرض تصورات منمذجة لأساليب الحكم.
فالعولمة السياسية، و إن كانت مرتبطة إلى حد بعيد بالمنطق الجدلي للفلسفة النيوليبرالية، ولكنها أيضا تعكس التصورات و الطروحات التي أفرزها عالم ما بعد الحرب الباردة والتي تهدف لخلق نموذج حكم صالح لكل الأوطان والشعوب والثقافات تماشيا مع منطق العالم الرافض للنسبية و الفارض للقيم المنمطة و الأنمطة المنمذجة. فالعولمة السياسية تقوم على مجموعة من المحددات التأسيسية لهذا المنطق:
-1- ضرورة بناء تصور موحد و إلزامي لحقوق الإنسان لا تعترف لا بالثقافة ولا بالدين ولا تعترف بالحدود، و لا بالسيادة و لا بالاختصاص الداخلي للدولة. فهنا نجد أولوية الإنسان على الدولة و أولوية منطق حاجات الإنسان على منطق أمن الدولة.
-2- جعل الديمقراطية نظام الحكم الوحيد القادر على التكيف مع منطلقات العولمة.
-3- جعل الديمقراطية حقا يستخدم لتغيير الأنظمة السياسية باسمه، وترفض الأنظمة الإنقلابية باسم، و يتدخل في الشؤون الداخلية باسمه كما كان في حال تدخل الأمم المتحدة، عن طريق تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في هايتي سنة 1994 لإرجاع نظام حكم منتخب بعد أن كان ضحية انقلاب عسكري.
-4- تفعيل منطق دولة الحق و القانون.
-5- بناء منطق المجتمع التعددي بخلق حراك اجتماعي وسياسي مؤثر يتمحور حول المجتمع المدني.
-6- أما المحدد الأخير فيهدف إلى خلق آليات الرشادة والعقلانية السياسية عن طريق فرض فلسفة الحكم الراشد.
فمن هنا يظهر أن العولمة السياسية هي حركية تهدف لجعل العالم يحكم بنفس المنطق السياسي، بنفس المنطلقات القيمية المرتبطة بالتصور الغربي لحقوق الإنسان، ويهدف لجعل كل الدول تحكم بمنطق الديمقراطية المشاركاتية والحكم الراشد في حال عدم تعارضها مع مصالح القوى المهيمنة
. | |
|