خدعني الزمن ..

خدعني الزمن ..!

خدعني الزمن .. وأخذني على حين غرة ...
تأخرت كثيراً قبل أن أدرك حجم الخديعة ...
فأي غبن هذا ...!!
حروفي تنثال كالمسامير ...سوداء,حادة ,متشابهة ...
حروفي تطير كحشد من العصافير أطلقوا عليه النار ..!
مازلت أتجول في ذاكرتي ... والذاكرة تستعيد كل شيء ... الابتسامات الشائخة ... وتستعيد أشياء لا مسميات لها ...
ولكنها في النهاية هي نحن ..!
أنا عندما أ حاول أن أحكي ما نطوى وفات إنما أحاول بعث حياتي الأولى ...
عندما كنت طفلاً..أكلم العصافير والأشجار والفصول ...
عندما كنت أحمل عصاي وأطفق أضرب بها في الدروب ...
عندما كنت أمر بالقفار والجبال ارتقي القمم وأهبط السفوح ... أقبل الشمس عند غروبها وأحتضن القمر عند مجيئه ...
عندما كنت أنام ملء جفوني مطمئناً مكتفياً بطفولتي ... أحضنها وأنام عليها
عندما كنت استمع لجدي ليخبرني أن في المغيب تخرج الملائكة من عين الماء لتوزع الخير على الناس ...
الخير ... هو ما جعلني منذ ذلك الوقت اجلس هادئاً على قمة الجرف ... فوق عين الماء ارتقب الملائكة ...
ياااه يالها من كهولة تلك التي أعادت رسم وجوه طفولتنا ويا لني من كهل أحتل ماضيه مستقبله ...
ضربة طائشة من تاريخ أرعن جعلتني أغوص بالوحل عندما أريد أن أستحم ...
جعلتني ضرير أضاع عصاه وانحنى يتحسس الشوارع ليفاجأ بأن السور عال والجدار يتساقط ...
جعلتني أنام على سريري .. واستمع منصتاً بعناية لكلامي الفارغ الذي يسمونه الندم ...
فأنا أتأرجح مثل عود قصب ... أحاول الثبات ...
ولكن ..
كيف ..؟!!
والنار في الماء ..؟؟!!
والحياة ذهاب وإياب ..
وسفر وصعود الى المنحدر ...
والدروب تنتهي صحراء ...

البعض ينظر الى حكايتي باستخفاف والآخر بعين العطف والإشفاق وثمة آخر يراها بريبة ..
ولكن يكفيني الآن إن حكايتي ستظل مقيمة هنا وهناك كروح .. وذاكرة ... ولعنة ...

الآن أترككم لضمائركم وأرحل ...
انتهى ...

» الطيب لايعيش في هذا الزمن